العلاقات الصحية في بيئة العمل: مفتاح تعزيز الصحة النفسية وزيادة الإنتاجية.

تتجاوز أهمية العلاقات الصحية في بيئة العمل مجرد كونها رفاهية أو إضافة ثانوية. تُعتبر العلاقات الإيجابية عاملاً حاسمًا لتعزيز الصحة النفسية، وزيادة الإنتاجية، وتحقيق النجاح المؤسسي.

دور القيادة في تعزيز العلاقات

تشير الأبحاث إلى أن القادة الذين يمنحون الأولوية للعلاقات مع موظفيهم يحققون نتائج أفضل. فأسلوب القيادة القائم على الإيجابية واللطف يعزز ثقافة الشركة، ويؤثر على رفاهية الموظفين بشكل أكبر من الرواتب والمزايا.وعندما يتعلق الأمر بتنمية السعادة في العمل، فإن ذلك يعتمد أساسًا على تعزيز العلاقات الإيجابية داخل المؤسسة.

المبادئ الخمسة الأساسية للعلاقات الصحية

استنادًا إلى أبحاث من مجال علم النفس الاجتماعي، تم تحديد خمسة مبادئ أساسية تساعد في ازدهار العلاقات الشخصية والمهنية:

  1. الشفافية والأصالة (Transparency and Authenticity): تشجيع التواصل الصادق بين الموظفين. هذا النوع من التواصل يخلق بيئة من الثقة والأمان النفسي، ويساعد الموظفين على التعبير عن أفكارهم دون خوف أو قلق من النقد أو الحكم.
  2. الإلهام (Inspiration): تشجيع الموظفين وتحفيزهم من خلال تقدير إنجازاتهم. ويشمل ذلك الدعم المعنوي المستمر، مما يؤدي إلى زيادة الرضا الوظيفي والإنتاجية.
  3. الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence): فهم وإدارة العواطف الشخصية، والقدرة على التعاطف مع الآخرين. الذكاء العاطفي يساعد في تحسين العلاقات بين الموظفين، ويعزز التواصل والتعاون داخل بيئة العمل.
  4. الرعاية الذاتية (Self-care): تشجيع الموظفين على الاهتمام بصحتهم النفسية والجسدية. يتم ذلك عبر تقديم الدعم اللازم، وتوفير الموارد التي تمكنهم من العناية بأنفسهم، مما يعزز أدائهم وقدرتهم على التحمل.
  5. القيم المشتركة (Shared Values): تعزيز ثقافة مؤسسية مبنية على قيم وأهداف واضحة للجميع. يساهم ذلك في خلق بيئة متماسكة، تساعد على توحيد الجهود وتحقيق الأهداف المشتركة.

تأثير العلاقات الصحية على الصحة النفسية

ترتبط العلاقات الصحية في العمل بانخفاض مستويات التوتر والإجهاد لدى الموظفين. أشار التقرير إلى أن وجود علاقات إيجابية بين الزملاء يزيد من شعور الأفراد بالانتماء والأمان النفسي. كما أكدت أن الدعم الاجتماعي في مكان العمل يُعتبر عاملاً وقائيًا ضد الضغوط النفسية والعاطفية.

ولتطبيق هذه المبادئ عمليًا، يقترح المقال عددًا من الاستراتيجيات الفعالة، منها:

  • تطوير مهارات التواصل الفعّال: من خلال التدريب وورش العمل المستمرة التي تعزز مهارات الاستماع النشط والتعبير الواضح، ما يعزز من وضوح الأدوار وتقليل سوء التفاهم.
  • تفعيل الأنشطة الاجتماعية المشتركة لتعزيز الروابط الشخصية بين أعضاء الفريق ، مثل تنظيم فعاليات خارجية أو احتفالات موسمية، والأنشطة الرياضية الجماعية التي تساهم في بناء علاقات شخصية إيجابية وتعزيز شعور الموظفين بالانتماء للفريق.
  • اعتماد نماذج القيادة التي تركز على الأمان النفسي، وذلك من خلال تدريب القيادات على مهارات توفير الدعم النفسي وتشجيع التعبير عن الأفكار والمخاوف دون خوف من العقاب أو الانتقاد، مما يعزز الابتكار ويخلق مناخًا إيجابيًا داعمًا للنمو والتطوير.
  • تصميم بيئة عمل مريحة: تشجيع اللقاءات غير الرسمية وتبادل الأفكار عبر توفير مساحات مشتركة مريحة مثل غرف الاستراحة أو مناطق التعاون المفتوحة.

ختامًا،

يمثل تعزيز العلاقات الصحية في بيئة العمل استثمارًا استراتيجيًا لا غنى عنه. المؤسسات التي تهتم بالصحة النفسية والعلاقات الإنسانية بين موظفيها، تتمتع بقدرة أكبر على التكيف مع التحديات وتحقيق النجاح المستدام. ولمزيد من المعلومات حول كيفية تأثير العلاقات الإيجابية على الصحة العامة، يمكنك الاطلاع على مقالنا السابق (العلاقات القوية: مفتاح لصحة أفضل).

المرجع:

Harvard Business Review. (2022). The Power of Healthy Relationships at Work. Retrieved from https://hbr.org/2022/06/the-power-of-healthy-relationships-at-work

Yazeed AlMuhaidi
Yazeed AlMuhaidi

باحث دكتوراه في الصحة العامة، متخصص في التعزيز الصحي و العلوم السلوكية. يركز على استراتيجيات معززة للصحة تتناسب مع السياقات الثقافية، ويشارك عبر هذه المدونة رؤى علمية حول تغيير السلوك واتجاهات الصحة العامة وطرق تعزيز صحة المجتمع.

المقالات: 11
arالعربية